29 - 06 - 2024

إيقاع مختلف | ينايريون... والله يشهد

إيقاع مختلف | ينايريون... والله يشهد

(أرشيف المشهد)

7-11-2014 | 19:46

حين فاضت بنا ميادين الثلاثين من يونية، لم نكن نصنع طوفاناً لنغرق الخامس والعشرين من يناير، بل كنا نهدر موجة إضافية فى بحر الثورة الأم.

وحين زرعنا أنفسنا أشجاراً صامدة فى الأرض اليونيوية، لم نكن نقتلع الجذر الينايرى العظيم، بل كنا نقوِّم الساق التى اعوجت ونضيف إليها فرعا جديداً يعيد إليها استقامتها وشموخها صوب السماء.

لذلك فإن أولئك الذين يحاولون اليوم أن يهيلوا التراب على الزحف الينايرى الجبار لا يفقهون شيئاً، لا فى فقه الوطنية المصرية، ولا فى سيكولوجية الإنسان المصرى المدهش.

يتصورون أنهم حين ينالون من يناير ومعناه وجوهره ورجاله فإنهم بذلك يعلنون انحيازهم المطلق وانتماءهم المفرد ليونية، وإنهم لواهمون، فالمنطق لا يكذب، ومن يكفر بالأصل لا يمكن له أبدا أن يؤمن بالفرع.

الحرية التى هتفنا لها فى يناير هى هى التى أنزلتنا ثانية فى يونية، والعيش الكريم الذى طالبنا به فى يناير هو هو الذى عدنا نطالب به فى يونية، والعدالة الاجتماعية التى طمحنا إليها فى يناير هى هى التى سنظل طامحين إليها فى يونية وفيما بعد يونية، والكرامة التى انتفضنا من أجلها فى يناير هى هى التى حركت الملايين من جديد فى يونية.

لذلك فإن من يتصور أن بالإمكان أن تقتلع الجذور الينايرية يغامر بأن يبقى الفروع اليونيوية هائمة فى الفراغ، ومن يحاول أن يتنكر ليناير أو ينتصر ليونية على حسابه يفرغ العظمة اليونيوية من كل معنى نبيل لها، وما أظنه يريد هذا ولا ذاك.

حين ارتفعت كف الجنرال -محاذية حاجبة الأيمن- بالتحية عند ذكر شهداء يناير فإنه كان يعى أن شهداء يناير فى قلب الوطن حقيقة لا رمزاً، وأن الوطن بأسره مدين لهذا الدم الطاهر النبيل بالثمن الباهظ الذى دفع فى سبيل الحرية، وكانت هذه التحية تعبيراً عن إدراك صادق بأنه لا أحد يستطيع أن يجد لنفسه مكاناً فى قلب الوطن أو فضائه إلا إذا دخل من باب احترام الدم الشهيد.

وحين تصور البعض أنهم قادرون على أن يمتطوا ظهر يناير ويسيروا به إلى حيث يشاؤون، فوجئوا به يلقى بهم من فوق ظهره بعيداً بعيدا، معلناً أن الخيول الأصيلة تنتقى فرسانها، ولا تسمح لا للهواة ولا للأدعياء بأن يمتطوها.

الدرس أوضح من أن يشرح، والأحلام أعظم من أن تختصر، والشعب أذكى من أن يغرر به.

فيا أيها الواهمون الأدعياء، عودوا إلى أحضان الثورة الأم، واحترموا الدماء الشهيدة، وأيقنوا أن الشعب الذى ثار فى يناير، وقوّم مسيرته فى يونية، أعظم من أن يسمح للحقائق بأن تزيف، وأنبل من أن يسمح للأحلام بأن تختصر، ولا تتصوروا أنكم بتنكركم ليناير يمكن أن تصبحوا أنصاراً ليونية، فمن يكفر بالأصل لا يمكن له أن يؤمن يوما بالفرع.

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان